عبد الغفور کردهمایی: مولوي نذیر أحمد سلامي من المدرسین البارزین لمدرسة دار العلوم بزاهدان وهو مترجم کتاب "نظرة إلی سید أبو الأعلی مودودي أفکاره وآثاره" وله جهود فکریة وثقافیة کبیرة؛ وکان معظم دراساته الدینیة والعلمیة في باکستان وقد التقی الأستاذ مودودي أثناء تواجده في تلک البلاد.

متی تعرفتم علی الأستاذ مودودي وآرائه وما سبب إعجابکم بشخصیته؟ في سنة 1947م حین کنت أقرأ کتابا صغیرا في دار العلوم بکراچي رأیت أن مؤلفه هاجم بالأستاذ مودودي لأنه لا یعتقد بعصمة الأنبیاء ولما قمت بدراسة المصادر رأیت أن نظرة مودودي تم نقلها مشوهة وقرأئت في المصدر الذي لا أتذکر اسمه هذه العبارة: سبب صدور الخطأ من الأنبیاء في الشؤون الدنیویة کما ذکره مؤیدو هذه النظرة هو أن زلة الأنبیاء تدل علی أن لا یظن البشر بعد مرور الزمن أنهم آلهة دون البشر.

وتجدر الإشارة بأن هذه النظرة قد ثبتت في سائر مکتوبات الأستاذ وفي الواقع أنها نظرة کلامیة وتقول هل زلة الأنبیاء في الشؤون الدنیویة قبل النبوة أو بعدها أمر ممکن أم لا؟ وقد تمت مناقشتها مفصلا. ولما رأیت آراء الأستاذ مشوهة عزمت علی قراءة کتبه ووددت أن ألقاه عن کثب ولم تتیسر لي الزیارة لکوني من الطلاب المبتدئین ولما جاء الأستاذ من لاهور إلی کراجي لإدارة شؤون حزبه (الجماعة الإسلامیة) شارکت في محاضراته.

خلاصة القول أن ذلک الکتاب الصغیر الذي عبر عن رأي الأستاذ مشوها صار کنقطة بدایة لتعرفي علی الأستاذ والإعجاب بمکتوباته وقبیل الثورة الإیرانیة في سنة 1979م لما کنت أعمل مدرسا في الجامعة الفاروقیة بکراجي وفي نفس الوقت کنت طالبا في جامعة کراجي تشرفت بزیارة الأستاذ في لاهور وکان ذلک متزامنا مع السنة الأخیرة من حیاته حیث کان مریضاً. وقد سنحت لي الفرصة لمدة نصف الساعة وکان رحمه الله یصلي قاعدا بسبب ما أصیب رکبتاه. أمرني أن أؤم صلاة المغرب وقد صلي معي برفقة 15 شخصا من مسؤولي الجماعة الإسلامیة وأعضائها أمام مکتبه وهذا کان آخر لقائي معه.

ما هو انطباعکم من شخصیة الأستاذ ومن أسلوبه في أول زیارة قمت بها وخلال حضورکم في محاضراته وما أهم ذکریاتکم من تلک الزیارة؟

أقول بصراحة إنه کان رجلا متینا وفهیما ذا قوة تحلیلیة عالیة خاصة للظروف السیاسیة السائدة علی العالم الإسلامي وأن تحلیلاته حول مستقبل العالم والعالم الإسلامي کانت موثقة وصحیحة تماما وکانت معظم خطاباته تدور حول الإسلام والمسلمین وحول الوحدة الإسلامیة ومن سماته البارزة أنه کان لدیه موقف هجومی علی الحضارة الغربیة ونقد الکتّاب الغربیین والمستشرقین بدل الموقف الدفاعي وکان یحاول أن یجیب المخالفین بلغة الیوم وبالوثائق العقلیة بدل الدلائل النقلیة. وبسبب موقفه هذا قد أعجب شریحة الطلبة والمثقفین بمکتوباته وأنه کان یکشف عن الإسلام واضحا في جمیع محاضراته ویتبعها تأثر عاطفي وقبول فکري وهذا ما یذعن بها المخالفون والناقدون.

ومن ذکریات تلک الزیارة أني أعطیته تقویما وطلبت منه أن یکتب علیه شیئا مع توقیعه وأعطیته قلمي وبعد أن فرغ من الکتابة ردني القلم بلا غطاء ولما تنبه أرجع یده وأغلق غطاءه ثم أعطاني. المذکرة الثانية أني حضرت في إحدی محاضراته في کراجي وبعد انتهاء الجلسة قمت بتنظیم حذائیه خاطبي قائلا: یا بني أنت لا ترتقي إلی أي شيء بتنظیم حذائي مودودي ولکن علیک أن تدرس وتخدم المجتمع.

رغم أن الأستاذ مودودي کانت لدیه قدرات هامة ولکنه قد تأثر من سائر المفکرین وهذا لا یمکن إنکاره برأیکم أي من الشخصیات التأریخیة أو المعاصرة کان له دور مؤثر في تکوین أفکاره؟

یمکنني أن أشیر بأهم الشخصیات الذین قد تأثر منهم الأستاذ مودودي وهم سید جمال الدین أفغاني ومحمد عبده ورشید رضا واین تیمیة والإمام ولي الله دهلوي ومولانا جلال الدین رومي وأبو حامد الغزالي.

نظرا للتطورات التي طرأت علی الأمة الإسلامیة أي من آثار الأستاذ تستحقها أن یلقي مزیدا من الاهتمام؟

من بین الآثار التي تستحق أکبر قدر من الاهتمام یمکن الإشارة إلی التفهیمات والنتقیحات ومبادئ الإسلام والجهاد في الإسلام والحد من نمو السکاني وخطب الجمعة وتفهیم القرآن والدعوة والداعي والحجاب.

بصفة عامة أي سمة من السمات الشخصیة والعلمیة للأستاذ تستحق أن تکون ملهمة وما سر خلود شخصیته وآثاره؟

السمات التي قد أشرت بها من قبل والأفکار التي وردت في کتب کالجهاد في الإسلام والحجاب والخطب وحجة السنة کالمصدر الثاني للأحکام بإمکانها أن تساعدنا في العصر الراهن. وحول سبب خلود شخصیته وآثاره یمکنني أن أقول إنه کان یتلکم لأهل زمانه ومن جانب آخر أن أفکاره تستحق لسائر الأزمنة والأماکن لکونها تمت صیاغتها بلغة الیوم وبدلائل موثقة ولإنه فهم مشاکل مخاطبیه وکشف عن الأمراض الفکریة لطبقات مختلفة من المجتمع وقدم حلولا فعالة وملائمة.